العديد من الدراسات العلمية تؤكد أهمية القراءة في تشكيل وعي الطفل، واتساع ثقافته، وتكريس القيم والأخلاقيات والممارسات الإنسانية، كما إنّها تمده بالمعاني والصور الذهنية، والألفاظ اللغوية، وتحويل الأشكال المجردة إلى أشكال ذات معنى ومغزى لغوي.
من مميزات القراءة أيضاً أنّها تدريب للعقل على مهارات التركيز ونمو قدرات الخيال، ومن خلالها يستثمر القارئ أقصى قدراته الإنسانية، وتلبية رغباته وحاجاته التعليمية، كما تتميز بأنّها سهلة الانتقال حيث يمكن للطفل أن يأخذ كتبه في أي مكان يذهب إليه، وحتى في سريره.
لذلك إذا ربينا الطفل على أن المكتبة حياة ومصدر غذاء مهم للعقل لا يقل أهمية عن الطعام والشراب، نما في كامل حيويته الذهنية والنفسية والفكرية، خاصة أن القراءة تشبع حياة الطفل وتثري خياله، وترفع نسبة ذكائه وتسهم في رفع مستواه العلمى، كما إنّها وسيلة الترفيه والمتعة، وتساعده مستقبلاً على البحث العلمي واستخدام مصادر المعلومات بشكل جيد، لأنّها تعتبر مصدراً جيداً للمعلومات المختلفة والخبرات المتعددة.
ويجب أن نضع أمامنا مراحل نمو الطفل نفسياً، كذلك نمو اللغة عنده لنعلم احتياجاته من الكتب، لأنّه لا يعرف ماذا يطلب ليقرأه لكنه يقرأ إذا وجد مادة مناسبة تجذبه، كما ينبغي معرفة المواد المناسبة لمرحلته العمرية، فكل مرحلة لها خصائصها واحتياجاتها، ولهذا تم تقسيم هذه المراحل من قبل الباحثين إلى: الحضانة وهي من الطفولة المبكرة من الميلاد وحتى السنوات الأربع.. الخيال المحدود من 4-6 سنوات الروضة.. ثم الخيال الحر من 6- 8 سنوات بداية المرحلة الابتدائية.. المغامرة والبطولة 8- 12 سنة نهاية المرحلة الابتدائية وبداية المرحلة الإعدادية.. وأخيراً الطفولة المتأخرة من 12- 18 سنة وهي المرحلة الإعدادية والثانوية.
أن أهم هذه المراحل هي الممتدة من 6-12 سنة وهي المرحلة الابتدائية ففيها تكون بداية حبه للقراءة وذلك من خلال توفير الكتاب المثالي ومن مواصفاته أن يكون جذاباً وذا ألوان براقة ومصقولاً، مليئاً بالصور التعريفية لأنّها مؤثرة أكثر من الكلمات، على أن تكون لافتة للنظر وجذابة ومتقنة بشكل يفتح ذهنه للقراءة، وينبغي أن يكون الورق بجودة عالية وبوزن مناسب بحيث لا يكون سريع التلف أو التمزق نظراً لعبث بعض الأطفال وعدم القدرة في التحكم على بعض تصرفاتهم، كما يجب أن يتناسب طول وعرض الكتاب وسمك الورق مع سن الطفل وتكون مقاسات الأحرف كبيرة ليسهل قراءتها في هذه المرحلة العمرية وهي في الغالب تقل حجماً مع تقدم عمر الطفل، وأخيراً يجب أن يكون الأسلوب بسيطاً وواضحاً ويمتلك مقومات العناصر الجيدة للقصة إذا كان الكتاب المقروء قصة وذات حبكة عالية ومضمونها مترابط ومفهوم.
تظهر الأبحاث أن قراءة القصص للطفل بصوت عال من أهم المقومات التي تساعدهم على القراءة الجيدة، كما يفضل أثناء القراءة تمرير الأصبع تحت الكلمات وذلك للربط بينها وبين معانى القصة مع ترك الوقت الكافي للطفل كي يتفحص الرسوم ويعلق عليها، مع تشجيعهم على المشاركة في القراءة إذا كان هناك جمل، ويفضل ربط أحداث القصة بالأحداث المشابهة في حياة الأطفال. ويؤكد أن جميع الأطفال لهم هوايات، لذا يجب عليك توفير الكتب التي تتحدث عن هواياتهم، وثقوا أنّهم سوف يحبون قراءتها، ولا تقلقوا إذا كانت هذه الكتب لا قيمة لها في نظركم، فالمهم هنا هو تعويد الطفل على القراءة.
ويؤكد د. سكران أن أهمية القراءة تأتي بالبعد عن إثارة «الإنترنت» والحد من مشاهدة التلفاز، مع العمل على تشكيل ثقافة القراءة داخل الأسرة من خلال فوائد المكتبات في المنزل، قيام المؤسسات الثقافية والتعليمية والأندية الرياضية بدورها في إثارة الوعي بأهمية القراءة، وتوفير مادة كافية للجميع.
* د. محمد سكران
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق